Cloud suck: عندما تبقى أسيرا داخل السحاب

الكاتب:عمار بقشان

لطالما كان حلمي كلما رأيت طائرا محلقا فوقي هو صعود طائرة شراعية و رغم مشاعر الخوف الكبيرة التي سوف تنتباني

حينها إلى أنني إعتقد أن متعة إقترابي من السحب أو ملامستها  سوف تتضاهي مشاعر الخوف ، بطبيعة الحال كانت لدي

شروط لركوب هذه الطائرة الشراعية و من ضمنها أن تكون الأجواء صافية يتخللها مزون ركامية و ليس هناك أي فرص

للتطور هذه المزون  الركامية لتصبح مزون ركامية رعدية ، و أعتقد أن مثل هذه الظروف متوفرة في أوروبا أثناء فصل

الصيف. السبب الرئيسي  لإختياري هذه الظروف هو أنني أردت الشعور بالهواء الصاعد  من تحتي و هو يندفع إلى أعلى

الغلاف الجوي ، ذلك الشعور الذي هو معتاد بالنسبة للطيارين الشراعين و الطيور ، فمثلا قد نجد الصقور لا تحرك أجنحتها

في الجو لكن رغم ذلك لا تسقط و السبب في ذلك أنها تعتمد على التيارات الصاعدة و التي تبقيها معلقة في الجو ( المقطع ١).

                                         
                                           المقطع ١: صقور لا تحرك أجنحتها لكن رغم ذلك لم تسقط و السبب أنها تعتمد على    

                                                   التيارات الصاعدة و التي تبقيها معلقة في الجو. المصدر


و كذلك الحال بالنسبة للطيارين الشراعين ، فالطيراين الشراعين معتادين على هذه التيارات الهوائية الصاعدة ، في المقطع

أدناه مثال على أحد الطياراين الشراعيين وهو داخل عمود من الهواء الصاعد الدافئ ، و كما نشاهد فالهواء الدافئ يقوم

برفع الطيار للأعلى.




                                   مقطع ٢ طيار شراعي داخل عمود من الهواء الصاعد الدافئ  المصدر

و على الرغم من أن هذه الظاهرة قد تبدو ممتعة بالنسبة للطيارين الشراعيين أو هواة الطقس ! إلا أنها تحمل في طياتها

مخاطر خصوصا إذا كانت التيارات الهوائية الصاعدة شديدة فهذا قد يعيق الطيار من الهبوط بل قد يرفعه أيضا إلى

مستويات عالية من الغلاف الجوي لذلك يطلق على هذه الظاهرة بالإنكليزية إسم cloud suck و suck في اللغة الإنكليزية

تعني إمتصاص و لم أجد حقيقة ترجمة جيدة لهذا المصطلح لكن أعتقد أن الصورة أدنه تشرح المفهوم.


                                  صورة ١: تشبيه للظاهرة cloud suck بالمكنسة التي تشفط كل شيء للأعلى

نستطيع أيضا تشبيه   هذه الظاهرة  بالجاذبية الأرضية و لكن بالمقلوب فبدل أن تسقط إلى تحت فأنت تندفع إلى فوق بسبب

التيارات الهوائية الصاعدة . تحصل ظاهرة cloud suck عندما تشتد سرعة التيار الصاعد بشكل مفاجئ بالقرب من قاعدة

السحب الحملية ( المزن الركامي) هذا الإشتداد المفاجئ في سرعة التيار الصاعد قد يفاجئ الطيارين الشراعيين و يعقيهم

بل و قد يرفعهم إلى أعلى. السبب الرئيسي المشكل لظاهرة cloud suck هو بالتأكيد الحمل الحراري ، في النهار تسخن

مناطق أكثر من مناطق أخرى و نتيجة لذلك فالهواء فوق تلك المناطق الأسخن يصبح أيضا أسخن من الهواء المحيط به و

بالتالي أقل كثافة من الهواء المحيط فيصعد لقلة كثافته  (صورة ٢) و كلما كانت الأجواء غير مستقرة و كمية بخار الماء عالية

إزدادت  شدة التيار الهوائي الصاعد.






                             صورة ٢ : يمثل اللون البرتقالي الهواء الدافئ و الصاعد و كما يبدو في الصورة فهي تبدو مثل الفقاعة

                                      ، فقاعة هوائية تصعد و تحمل الحرارة ( الحمل الحراري) و  لا تختلط بالهواء البارد المحيط بها .

من أبرز الأمثلة التي توضح خطورة cloud suck على الطياراين الشراعيين هو ما حصل للمتسابقة الألمانية  إيفا

تشيلوفيتش أثناء  قيامها ببعض التدريبات قبل الخوض في منافسات كأس العالم للطيران الشراعي عام ٢٠٠٧. كانت

التنبؤات في  ذاك اليوم تشير إلى إحتمالية تشكل عواصف رعدية شديدة لكن رغم هذه التنبؤات قررت إيفا التحليق في ذاك

اليوم . أثناء  تحليقها مرت إيفا بالقرب من سحب رعدية  أرادت إيفا الهروب منها إلى أن التيارات الصاعدة  قامت بدفع إيفا

من إرتفاع  ٧٦٢ متر   إلى  ٩ الف متر   تقريبا  في حدود ١٥ دقيقة فقط. قالت إيفا " لا تستطيع تخيل هذه القوة ،

إنك  تشعر كأنك ورقة شجر ترتفع إلى فوق". و  في أثناء صعودها داخل السحابة كانت إيفا تشاهد البرق  و تسمع  الرعد

حولها إضافة إلى مشاهدة حبات البرد الكبيرة و التي تشبه في حجمها حبات البرتقال، تخيل كم يرعبنا منظر البرق و صوت

الرعد  و نحن في الأرض فما بالك أن تكون داخل السحابة الرعدية نفسها ، و مع النقص الحاد في الأكسجين و درجات

الحرارة  المتدنية والتي كانت تقدر بي -٥٠ درجة مئوية  فقدت إيفا الوعي ، ثم بعد ساعة تقريبا إستيقطت و وجدت نفسها

على إرتفاع  أقل. نجت إيفا في النهاية بصعوبة بالغة او كما وصفها أحد الدكاترة بالمعجزة الطبية ، يذكر أن أقصى إرتفاع

وصل له طيار  شراعي من قبل هو ٧،٠٠٠ متر إلى أن إيفا إستطعت الوصول إلى مستوى ٩،٠٠٠ متر أي قريب من

مستوى تحليق  الطائرات التجارية ! بكل تأكيد لم يكن هذا هدفا مقصود من إيفا و من منا يرغب في هذه المغامرة المرعبة.

الشخص الوحيد الذي قد يرغب بالقيام بهذه المغامرة المرعبة هو شخص مهووس كل الهوس بالطقس وهو على أعتاب الموت  

نتيجة مرض فتاك ربما أنذاك قد يرغب بالقيام بهذه المغامرة المرعبة و الموت بين السحاب !

المصادر:
https://www.telegraph.co.uk/news/worldnews/1542962/Paraglider-survived-in-storm-at-32000-ft.html

https://www.metoffice.gov.uk/weather/learn-about/weather/types-of-weather/clouds/facts-about-clouds

https://www.ushpa.org/page/how-to-avoid-cloud-suck

https://www.cbsnews.com/news/paraglider-cheats-death-in-thunderstorm/



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا تعني نسبة الهطول المتوقع لهذا اليوم؟

الإنقلاب الحراري

لماذا الهواء الحار في طبقات الجو العليا يمثل ضغط جوي مرتفع ؟